خرج علينا من القرون المتأخرة بعض الأقوال التي يضحك لها الصبيان من عدم جواز التوسل بالنبي الأمين صلى الله عليه وسلم والصالحين واتهموا أهل الإسلام المتوسلون بالشرك والزندقة وتبديل هذا الدين وتبعهم بعض الجهال فرددوا أقوالهم التي شذت عن الإجماع وجمهور المسلمين.فكان لزاما علينا التوضيح والرد على الغلاة المتعصبين الذين أنكروا ما ثبت في الشرع المبين بالدليل المتين .بعد أن بدلوا الحقائق البهية، وخالفوا السواد الأعظم من أمة النبي الأمين وخالفوا صريح الكتاب وصحيح السنة وضربوا بأقوال جل علماء الأمة عرض الحائط بلا حياء ولا إستحياء وحصروا الحق في أقوالهم الباطلة.
وصدق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل عن ابن عمر-رضي الله عنه-:"إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبداً، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإن من شذ في النار"رواه الترمذي (٢٠٩٣)، والحاكم (١/١٩٩-٢٠٠)، وأبو نعيم في الحلية (٣/٣٧)وابن مندة،من طريق الضياء عن ابن عمر والحديث صحيح بمجموع طرقه
والسواد الأعظم من جل علماء المسلمين دونوا آرائهم الواضحة وطفحت كتبهم بما ينص على استحباب التوسل بالنبي صلوات الله عليه وتسليمه
وأهل الله من الأولياء والصالحين ولم ينكر نكير إلا في القرون المتأخرة وكأنهم يرمون أئمة المذاهب وجل العلماء طيلة هذه القرون السابقة بل ومن بعدها بالشرك والكفر والابتداع أعوذ بالله من هذا وأستغفر الله من هذه الأقوالفلا ينكر نكير توسل الأئمة الكملمثل الإمام النووي شارح صحيح مسلم والإمام ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري والإمام القرطبي وسلطان العلماء العز ابن عبد السلام وغيرهم الكثير كما سنرى في صلب الأدلة التي سنوردها مع بيان أقوالهم وهم ممن حفظوا لنا هذا الدين ونقلوه إلينا رضي الله عنهم وأرضاهموهذه المطوية التي التقطنا مادتها من جل كتب العلماء فصرفنا عنان الجهد لالتقاط ما هو مطلوب البيان في هذا المقاموسنعرض في هذه المطوية الملتقطة من أقوال العلماء مع بعض الشروح لما استعصى من الكلمات في بعض الأدلة في الاستعانة والتوسل والاستغاثة بالنبي وبالصالحينوما دعانا إلى صرف الجهد والتقاط أقوال جل علماء الأمة هو رمي الجهلاء لسواد الأمة الإسلامية بالشرك والالحاد والحقيقة أن لو كان هذا شركاً أو منفذاً للوقوع في الشرك كما يدعي من حرم التوسل والاستغاثة لكان أمراً عظيماً لأنه بذلك يكون قد اتهم محمداً بن عبد لله عليه الصلاة والسلام بِالتَّقْصِيرِ في أداء رسالته وترك اُمْتُهُ تتردى في مهاوي الضلال، وتكون الأمة ـ على مرّ الأزمنة السابقة ـ قد وقعت في الشرك، وهو أمر لا يجوز عقلاً ولا شرعاً، وكيف يستقيم ذلك مع قوله صلى الله عليه وسلم: "تركتكم على الواضحة"!واليوم أكملت لكم دينكمعن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّه لم يكن نبي قبلي إِلَّا كان حقاً عليه أن يدل اُمْتُهُ على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم)صحيح مسلم: ٣/١٤٧٢ كتاب الإمارة.
فإذا كان الأمر (التوسل والاستغاثة بهذه الدرجة من الخطورة على عقائد المسلمين لما أغفل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ولكان نهى عنه بكل شدّة
بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو من علمنا التبرك والتوسل كما سنرىبل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد تبرّك بوضوء المسلمين، كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة:فعن ابن عمر, قال: قلت يا رسول الله, أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك, أم من المطاهر؟ قال: "لا, بل من المطاهر, إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه, يرجو بركة أيدي المسلمين.فعن ابن عمر, قال: قلت يا رسول الله, أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك, أم من المطاهر؟ قال: "لا, بل من المطاهر, إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه, يرجو بركة أيدي المسلمين.ذكر فيمجمع الزوائد: 1\214، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثّقون،كنز العمال: 7\112، ح 13281وذكره السيوطي في الشمائل الشريفة ونقل تصحيح الهيثمي موافقا له ( ص 272 - 273 طبعة دار طائر العلم للنشر والتوزيع بتحقيق حسن بن عبيد باحبيشي ) برقم ( 490 )صححه المناوي في التيسير ( 2 / 525 طبعة مكتبة الإمام الشافعي - الرياض - 1408هـ - 1988م الطبعة الثالثة )وذكره من وجه اخر الإمام البيهقي في الشعب ( 3 / 30 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1410 ، بتحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول ) برقم ( 2791 ) ،وقد رواه القضاعي في مسنده ( 2 / 104 طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة الثانية ، 1407 - 1986 ، بتحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي ) مختصرا برقم ( 977 )وابن عدي في ( الكامل ) ( 2/ 783 )ورواه ابو نعيم في الحلية ( 8 / 203 طبعة دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 )
بل حتى شيخ السلفية الألباني رحمه الله قال
قال الألباني في السلسلة الصحيحة ( 5 / 154 ) برقم ( 2118 ) : ( " كان يبعث إلى المطاهر ، فيؤتى بالماء ، فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين " .أخرجه الطبراني في الأوسط ( ص 35 ) و أبو نعيم في الحلية ( 8 / 203 ) عن حسان بن إبراهيم الكرماني عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال : " قلت : يا رسول الله ! الوضوء من جر جديد مخمر أحب إليك ، أم من المطاهر ؟ قال : لا بل من المطاهر ، إن دين الله يسر ، الحنيفية السمحة " ، قال : فذكره.وقال : ( لم يروه عن عبد العزيز إلا حسان ) .قلت ( الألباني ) : و هو مختلف فيه ( يعني حسان ) والأكثرون على توثيقه ، و الذي يترجح عندي أنه وسط حسن الحديث ، ولاسيما و قد خرج له البخاري في صحيحه .وانظر تحسين الألباني للحديث في السلسلة الصحيحة المختصر ( 5 / 154 طبعة مكتبة المعارف - الرياض ) برقم ( 2118 ) ، وفي صحيح الجامع حديث رقم ( 4894 ) ..وعندما ضعف الشيخ الحويني هذا الاثر لانه تفرد به واحد عند الطبراني ولو نظرنا من هو حسان بن ابراهيم لوجدناه قد احتج به البخاري ومسلم وهو من رجالهما فكيف يضعف الآثر لتفرد ثقة به؟؟تفرد الثقة مقبولة كما هو معلوم عند المبتدئين.ويراجع هنا للاهميةالرد المحكم المتين على من أنكر حديث تبرك النبي صلي الله عليه وسلم بما في أيدي المسلمين
وليعلم أحبائنا المسلمون أننا سنورد فقط أمثلة من أنواعها وليس من باب الإحصاء فإن إحصائها لا يتيسر للباحث وفي ما سنورده الكفاية بإذن الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
وسنقسم هذه المطوية إلى خمسة فصول لتخدم المقام الذي نحن بصدده
الفصل الاول:- مصطلحات لغوية الفصل الثاني:- ما أستند إليه المخالفون وتوضيح الإشكالالفصل الثالث:- توضيح مهم في مسألة التوسل والاستغاثة والمددالفصل الرابع:- الحياة البرزخية وحقيقتهاالفصل الخامس:- أدله التوسل بالأحياء والأموات من الكتاب والسنة وأفعال وأقوال السلف والائمةالفصل السادس:- فصل في أسماء أشهر علماء ألامه الإسلامية المتوسلين
الفصل الأول
مصطلحات لغوية1- الوسيلةالوسيلة في اللغة: المنزلة عند الملك , والوسيلة:-الدرجة , والوسيلة:-القربة , وَسَلَ فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملا تقرب به إلى الله , والواسل:- الراغب إلى اللهويقال توسل إليه بوسله إذا تقرب إليه بعمل ,وتوسل إليه بكذا أي تقرب إليه بحرمه آصرة تعطفه عليهإذاً الوسيلة:- الوصلة والقربى وجمعها الوسائل( لسان العرب لابن منظور ج ١١ ص ٧٢٤ مادة< وسل>)2- الدعاءلخص أبو البقاء المعاني المتعددة للدعاء مستشهدا بآيات القرآن الكريم ، قال : " والدعاء : الرغبة إلى الله والعبادة نحو ( وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرّك ) ، والاستعانة نحو ( وَادْعُوا شُهَدَاءكُم ) ، والسؤال نحو ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، والقول نحو ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ) ، والنداء نحو ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) ، التسمية نحو ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا )أبو البقاء الكليات ص ٤٤٧
قال ابن منظور: "دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: الدعوة. ودعوت فلانًا: أي صِحت به واستدعيته - لسان العرب مادة (د ع و).
وانظر ايضا : مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصبهاني (ص315-316)
والدعاء شرعا:- أقصى نهاية الخضوع والتذلل بشرط نية التقرب فالعبادة لا تطلق إلا على العمل الدال علي الخضوع المتقرب به لمن يعظمه باعتقاده تأثير في النفع والضر وعلى هذا فشرط كونها عبادة نية التقرب للمعبود.
قال الخطابي: (معنى الدعاء استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه" - شأن الدعاء)شأن الدعاء للخطابي ص4
قال الزبيدي صاحب تاج العروس ( الدعاء ليس إلا إظهار غاية التّذلّل والافتقار)
إتحاف السادة المتقين 5/4
•قال الحافظ ابن حجر: «الدّعاء هو غاية التّذلّل والافتقار » [فتح الباري 11/95].
3-الاستغاثة
الاستغاثة لغة : طلب الغوث والنصر هي طلب العبد الإغاثة والمعونة ممن يسعفه ويدفع عنه عند الوقوع في شدة ونحوها . وشرعا : لاستغاثة هي بمعنى طلب التوجه من المستغاث به إلى الله تعالى في قضاء الحاجة إذ ليس لأحد مع الله فعل أو ترك وإنما المستغاث به سبب للشفاعة والدعاء ولقضاء الحاجة.تكون طلب العون وتفريج الكروبفلا تختلف الاستغاثة عن التوسلقال تعالى { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ .. }[القصص ١٥]
4- الاستعانة:
فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه.
5- الجاه
الجاه: المنزلة والقَدْرُ عند السلطان.لسان العرب.. والقاموس المحيط (1/1607)
6- التوجه لغا.
(وجه ) انقاد واتبع يقال قاد فلان فلانا فوجه انقاد واتبع والمولود خرجت يداه من الرحم أولا وإلى الشيء توجه بمعنى ولى وجهه إليه وفي المثل ( أينما أوجه ألق سعدا )( اتجه ) إليه أقبل بوجهه عليه ( أصله اوتجه )الوجهة ) الجانب والناحية والموضع الذي تتوجه إليه وتقصده وكل مكان استقبلته والقبل وشبهها ووجهة الأمر وجهه(2/953\2/954 ) المعجم الوسيط
7- الشفاعة
قال الراغب في المفردات ص 263الشفاعة : الاِنضمام إلى آخر ناصراً له وسائلاً عنه.
8- المدد
وورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد: مددنا القوم، أي صرنا لهنا أنصاراً ومدداً.وأمدَّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم وأمدهم بمال كثير وأغناهم..والمدد: العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله والإمداد أن يرسل الرجل مددالسان العرب مادة (م د د ).وقال الإمام الفيومي رحمه الله تعالى: أمددته بمدد: أعنته وقويته به [2]المصباح المنير مادة (م د د)
6- التبرك
التبرك لغة: طلب البركة، والبركة هي: النماء والزيادةمادة برك، انظر لسان العرب: 10/390،
قال ابن منظور: بارك الله الشيء، وبارك فيه وعليه: وضع فيه البركة، وطعام بريك كأنّه مبارك
لسان العرب: 10/390قال الفيومي: بارك الله تعالى فيه فهو مبارك، والأصل: مبارك فيهالمصباح المنير: 1/45.
والتبرّك في مفهومه الاصطلاحي يراد به طلب البركة عن طريق أشياء أو معان ميّزها الله تعالى بمنازل ومقامات خاصة،أي طلب الحصول على الخير على وجه السبب.
قال الراغب الأصفهاني: البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى: { لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }الأعراف-96، { وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ }الأنبياء-50، تنبيها على ما يفيض به من الخيرات الإلهية.
الفصل الثاني
ما أستند إليه المخالفون وتوضيح الإشكالاستند أصحاب هذا الرأي إلى آيات الكتاب الحكيم وبعض الأحاديث وسنعرضها جميعا بإذن الله تعالى ونورد الأدلة على قصور الفهم الذي أدى إلى الإشكال
اولاً:- الإشكالات في فهم الآيات من الكتاب الحكيم.
1- قول الله تعالى : (لاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
سورة يونس 106\1072- وقوله تعالى: (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )العنكبوت : 17.3- وقوله تعالى ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) سورة الأحقاف : 5\6.٤- قال تعالى (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ))سورة الجن ، آية : ١٨٥- قال تعالى ((مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى))[الزمر:٣]6- قال تعالى: "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين "( لأعراف ١٩٤ )الرد على الإشكالات في هذه الآيات:-استدل أهل الإنكار بآيات نزلت في المشركين لا تنطبق على أهل التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصالحين ولا تقربهم لاختلاف الحال كلياًوكما ذكر البخاري عن قول ابن عمر رضي الله عنهمافي الخوارج يقول البخاري:«وكان ابن عمر يراهم شرار الخلق، وقد قال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين».ومما استند إليه من حرم التوسل أنهم قالوا إن العبرة في الآيات هي عموم اللفظ وليس في خصوص السبب وهذا قول حق أريد به باطل فلا أحد ينكر عموم اللفظ ولكن المستدعي للنظر والفهم أن هذه الآيات لا تشمل المسلمين لاختلاف حالهم عن حال الكفار جملا وتفصيلا فالدعاء في هذه الآيات بمعني العبادة لأصنامهم والمتوسلون يدعون الله الواحد الأحد والكفار يدعون آلهتهم من دون الله فأحوال الكفار في من نزلت فيهم الآيات لا يرتبط بأي صلة تشير إلى أهل القبلة من المسلمين!!!!فشتان بين يدعوا الله متوسلا بجاه نبيه وصالحيه وبين من يدعوا غير الله فكيف يعمم الحكم على أمه الإسلام؟؟فرق كبير بين ما يقول يا رب أعطني كذا بحق فلان..وبين من يقول اُعْلُ هُبَل..خذلني آلات ويعتقد أنهم آلهة من دون الله.!!ولكنا نجد أهل الفتنة يشرقون ويغربون ويقولون هذا ما قاله الكفار{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ونحو قوله تعالى{ فلا تدعوا مع الله أحداً}ولكنهم قد تناسوا أن هذه الآيات قد جعلت في أهل الشرك وما من موحدا متوسلاً يعبد نبي أو ولي. فكل آية تدل على المعنى الصريح الواضح ووضع الكفار وهو العبادة للأوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم , فالمشركون كانوا يتخذون من يدعونه إلهاً من دون الله فيدعونهم استقلالاً من دون اللهوسيتضح ذلك من أوجه عديدةالوجه الأول:- فالمشركون جعلوا أصنامهم آلهة تعبد والمسلمون ما اعتقدوا في إله غير الله فليس لنا غير إله واحد الله جل جلاله ويظهر جليا الفرق بين المسلمين وبين عباد الأصنام وغيرهم في قول الله تعالى في الكفار(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) مريم : ٨١-الوجه الثاني:- الأنبياء جميعاً عليهم الصلاة والسلام عند المسلمين هم أنبياء معصومون بشر لهم خواص خاصة من الله بها عليهم وأعطاهم ما لم يعطه لبشر وليسوا آلهة تعبد من دون اللهالوجه الثالث:- الأولياء هم أولياء محفظون وصلوا إلى رتبة الولاية بالعمل الصالح وعبادة رب العباد وليسوا آلهة تعبد,والا كان الأولى أنبياء الله تعالى عليه السلامالوجه الرابع:- ورد في الآيات أن الكفار وجدوا ضالتهم في عبادة هذه الأصنام فاستحقت العبادة بالنسبة لهم وعبدوها بالفعل كما في قوله تعالى(وما نعبدهم إلا ليقربونا)أما المسلمون فلا إله لهم غير الله تعالى ولا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم وما عبدوا غيره جل جلاله.
الوجه الخامس:- أن المشركون عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم وزعموا أن ذلك ليقربوهم إلى الله والمسلمون عبدوا الله وحده ولم يعبدوا غيره وتوسلوا بالأنبياء والصالحين رجاء تحقيق مطالبهم من الواحد القهار
فدعاء المشركين دعاء آلوهية وتعبد، ودعاء المسلمين توسل واستشفاع فشتان بين الاثنين فكيف يعمم أهل الجهل القول علي المسلمين؟الوجه السادس:- الكفار اتخذوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم آلهة من دون الله والإله هو المستحق للعبادة فكانت عبادتهم لهم على اعتبار الألوهية وليس على اعتبار التوسل والاستشفاع والتبرك فكانوا يسجدون لها تعظيما وإجلال وخضوعا لها واعتقدوا أنها تنفع وتضر استقلالاوما قالوا نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله إلا بعد أقامه الحجة عليهم وهذا من تلبيس الشيطان عليهم ومن جحدهم بآيات الله والمسلمون اتخذوا الله إله واحدا لا شريك له وعرفوا قدر الأنبياء والصالحين وان النفع والضر بيد الله تعالى وان القدرة المطلقة من صفات الآلوهية ويعطي الله ما يشاء لمن يشاء ولا حد لقدرته المطلقة
وقوله تعالى في الآية الكريمة (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)
فإنما كانت لإظهار أن علل عباد الأوثان والأصنام التي عللوا بها عبادة الأصنام إنما هي عله فاسدة وجاءت الآية من باب التنبيه على ضلالتهم وهذا ما ذكر في أكثر من آية في الكتاب الحكيم من اعتقادهم أن أصنامهم تضر وتنفع استقلالا وأنهم خضعوا لها وعبدوها من دون الله تعالى.فلما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تنفع ولا تضر قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.وهذا من جحدهم بآيات الله تعالى.ومن كذبهم الذي أظهره الله في أكثر من موضع في الكتاب الحكيم.وهذا ما لا ينطبق على أهل الإسلام..وهذا واضح وصريح في جميع الآيات من أن الكفار قد عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وجعلوهم آلهة تنفع وتضر وترزق فأضافوا إليهم صفات الألوهية ونسبوا إليهم القدرة استقلالاًفالآية جاءت لإظهار العلة وبيان جحدهم وبيان كذب دعواهموالاستدلال بالآية في غير محله وذلك لأن هذه الآية الكريمة صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دونه تعالى وإشراكهم إياها في دعوى الربوبية على أن عبادتهم لها تقربهم إلى الله زلفى فكفرهم وإشراكهم من حيث عبادتهم لها ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله .و هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكي ربنا عنهم من قولهم مسوغين عبادة الأصنام : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فإنهم لو كانوا صادقين في ذلك لكان الله أجل عندهم من تلك الأصنام ، فلم يعبدوا غيره وقد نهى الله المسلمين من سب أصنامهمبقوله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
روى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه أنه قال : (( كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله عز وجل ، فأنزل الله : ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ، هذا سبب نزول هذه الآية .
فهي إذن تنهى المؤمنين نهي تحريم شديد أن يقولوا كلمة نقص في الحجارة التي كان يعبدها الوثنيون بمكة المشرفة لأن قول تلك الكلمة يتسبب عنه غضب أولئك الوثنيين غيرة على تلك الأحجار التي كانوا يعتقدون من صميم قلوبهم أنها آلهة تنفع وتضر وإذا غضبوا قابلوا المسلمين بالمثل فيسبون ربهم الذي يعبدونه وهو رب العالمين ويرمونه بالنقائص وهو المنزه عن كل نقص ولو كانوا صادقين بأن عبادتهم لأصنامهم تقربهم إلى الله زلفى ما اجترؤا أن يسبوه انتقاماً ممن يسبون آلهتهم فإن ذلك واضح جداً في أن الله تعالى في نفوسهم أقل من تلك الحجارة .
وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) فإنهم لو كانوا يعتقدون حقاً أن الله تعالى الخالق وحده وأن أصنامهم لا تخلق لكانت عبادتهم لله وحده دونها أو لكان على الأقل احترامهم له تعالى فوق احترامهم لتلك الحجارة ، وهل هذا يتفق مع شتمهم له عز وجل غيرة على حجارتهم وانتقاماً لها منه سبحانه وتعالى ؟ إن البداهة تحكم أنه لا يتفق أبداً ، وليست الآية التي معنا وحدها تدل على أن الله تعالى أقل عند أولئك المشركين من حجارتهم بل لها أمثال منها قوله تعالى: (وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ)فلولا أن الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الحجارة ما رجحوها عليه هذا الترجيح الذي تحكيه هذه الآية واستحقوا عليه حكم الله عليهم بقوله : (سَاء مَا يَحْكُمُونَ ).ومن هذا القبيل قول أبي سفيان رضي الله عنه قبل إسلامه : ((اُعْلُ هُبل)) كما رواه البخاري ينادي صنمهم المسمى بهُبل أن يعلو في تلك الشدة رب السماوات والأرض ويقهره ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذي يريد أن يغلب آلهتهم ، هذا مقدار ما كان عليه أولئك المشركون مع تلك الأوثان ومع الله رب العالمين .
وهذا يظهر جلياً في آيات الكتاب الحكيم لمن ألقى السمع وهو شهيد فالكفار جحدوا بوجود الله تعالى وبعدوا أصنامهم
قال تعالى(وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً) الفرقان 60
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) مريم : 81(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوء) هود : 54(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت :17فهذه الآيات تدل وتصرح بعبادتهم الأوثان من دون الله تعالى فكيف تنطبق هذه الآيات على المتوسل وهو من عبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد!!
قال تعالى (ألَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)الزمر : 36:38الآية هنا تصرح بأن المشركين يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم بآلهتهمقال البغوي في تفسير الآية : " ... وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ... " وذلك أنهم خوفوا النبي صلى الله عليه وسلم معرة معاداة الأوثانوقالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنونتفسير البغوي ج4 ص 69
قال تعالى :-(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) يونس 1
(أَفَرَأَيْتُمُ اَللَّات وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ اَلْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ اَلْأُنْثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ )
النجم : 19:23
" وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْض كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ "
البقرة : 116فكلامهم صريح بنسبة الضرر والنفع إلى أصنامهم استقلالا التي عبدوها من دون الله فكيف تنطبق هذه الآيات على المسلمين وهم يعبدون الله الواحد الأحد؟؟فإن جميع هذه الآيات تدل وبصراحة على أن شرك المشركين كان في دعاء الآلهة التي عبدوها من دون الله ، وهل هناك حاجة لأدلة أصرح من هذه الآيات؟
ونرى في الآيات وسنرى في جميع التفاسير أن المشركين عبدوا أصنامهم من دون الله فالآيات نصت على أنهم عبدوا أصنامهم وكذلك هذا ما جاء في جميع التفاسير وما قاله أهل التفسير وكذلك تسمية أصنامهم آلهة تستحق العبادة,بنات الله,عبدوا من دون الله,شريك لله, وهذا ما لا يقول به مسلم فلا يوجد من يشهد
لسانه وقلبه ان لا اله الا الله محمد رسول الله ويعبد غير الله فهو جل جلاله المستحق للعبادة.فالمشركون كانوا يعبدون الآوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم , فوسيلة الشئ غيره.فالمشركون كانوا يتخذون من يدعونه إلهاً من دون الله فيدعونهم استقلالا من دون الله اما التوسل من المسلمين فهو من عباد الله مستشفعين إلي الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد!!
ومما جاء فى التفاسيرجامع البيان في تفسير القرآن للطبريوقوله:{ وَالَّذِينَ اتَّـخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِـياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }يقول تعالـى ذكره: والذين اتـخذوا من دون الله أولـياء يَتَولَّونهم، ويعبدونهم من دون الله، يقولون لهم: ما نعبدكم أيها الآلهة إلا لتقربونا إلـى الله زُلْفَـى، قربة ومنزلة، وتشفعوا لنا عنده فـي حاجاتنا وهي فـيـما ذُكر فـي قراءة أبـيّ: «ما نَعْبُدُكُمْ»، وفـي قراءة عبد الله: «قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ» وإنـما حسُن ذلك لأن الـحكاية إذا كانت بـالقول مضمراً كان أو ظاهراً، جعل الغائب أحياناً كالـمخاطب، ويترك أخرى كالغائب، وقد بـيَّنت ذلك فـي موضعه فـيـما مضى.حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: هي فـي قراءة عبد الله: «قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ».وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله:{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }قال:
قريش تقوله للأوثان، ومن قَبْلَهم يقوله للـملائكة ولعيسى ابن مريـم ولعزَيز.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
{ وَالَّذِينَ اتَّـخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِـياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرِّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }قالوا:
ما نعبد هؤلاء إلا لـيقرّبونا، إلا لـيشفعُوا لنا عند الله.
حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله:
{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرَبونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }قال: هي منزلة.حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله:{ وَالِّذِينَ اتَّـخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِـياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }وقوله:{ وَلَوْ شاءَ الله ما أشْرَكُوا }يقول سبحانه: لو شئت لـجمعتهم علـى الهدى أجمعين.حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله:{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرِّبونا إلـى الله زُلْفَـى }قال: قالوا هم شفعاؤنا عند الله، وهم الذين يقرّبوننا إلـى الله زلفـي يوم القـيامة للأوثان، والزلفـى: القُرَب.وقوله:{ إنَّ اللّهَ يَحْكُمُ بَـيْنَهُمْ فِـيـما هُمْ فِـيهِ يَخْتَلِفُونَ }يقول تعالـى ذكره: إن الله يفصل بـين هؤلاء الأحزاب الذين اتـخذوا فـي الدنـيا من دون الله أولـياء يوم القـيامة، فـيـما هم فـيه يختلفون فـي الدنـيا من عبـادتهم ما كانوا يعبدون فـيها، بأن يُصْلِـيَهم جميعاً جهنـم، إلا من أخـلص الدين لله، فوحده، ولـم يشرك به شيئاً.
الكشاف للزمخشري
وقرأ ابن مسعود بإظهار القول: «قالوا ما نعبدهم» وفي قراءة أبيّ:
ما نعبدكم إلا لتقربونا على الخطاب، حكاية لما خاطبوا به آلهتهم. وقرىء: «نعبدهم» بضم النون اتباعاً للعين كما تتبعها الهمزة في الأمر، والتنوين في { عَذَاب ٱرْكُضْ } والضمير في { بَيْنَهُمْ } لهم ولأوليائهم. والمعنى: أن الله يحكم بينهم بأنه يدخل الملائكة وعيسى الجنة، ويدخلهم النار مع الحجارة التي نحتوها وعبدوها من دون الله يعذبهم بها حيث يجعلهم وإياها حصب جهنم.
واختلافهم: أن الذين يعبدون موحدون وهم مشركون، وأولئك يعادونهم ويلعنونهم، وهم يرجون شفاعتهم وتقريبهم إلى الله زلفى. وقيل: كان المسلمون إذا قالوا لهم: من خلق السمٰوات والأرض، أقرّوا وقالوا: الله، فإذا قالوا لهم:
فما لكم تعبدون الأصنام؟ قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى؛ فالضمير في { بَيْنَهُمْ } عائد إليهم وإلى المسلمين. والمعنى: أن الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين،
وصدق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم القائل عن ابن عمر-رضي الله عنه-:"إن الله لا يجمع هذه الأمة على ضلالة أبداً، وإن يد الله مع الجماعة، فاتبعوا السواد الأعظم، فإن من شذ في النار"رواه الترمذي (٢٠٩٣)، والحاكم (١/١٩٩-٢٠٠)، وأبو نعيم في الحلية (٣/٣٧)وابن مندة،من طريق الضياء عن ابن عمر والحديث صحيح بمجموع طرقه
والسواد الأعظم من جل علماء المسلمين دونوا آرائهم الواضحة وطفحت كتبهم بما ينص على استحباب التوسل بالنبي صلوات الله عليه وتسليمه
وأهل الله من الأولياء والصالحين ولم ينكر نكير إلا في القرون المتأخرة وكأنهم يرمون أئمة المذاهب وجل العلماء طيلة هذه القرون السابقة بل ومن بعدها بالشرك والكفر والابتداع أعوذ بالله من هذا وأستغفر الله من هذه الأقوالفلا ينكر نكير توسل الأئمة الكملمثل الإمام النووي شارح صحيح مسلم والإمام ابن حجر العسقلاني شارح صحيح البخاري والإمام القرطبي وسلطان العلماء العز ابن عبد السلام وغيرهم الكثير كما سنرى في صلب الأدلة التي سنوردها مع بيان أقوالهم وهم ممن حفظوا لنا هذا الدين ونقلوه إلينا رضي الله عنهم وأرضاهموهذه المطوية التي التقطنا مادتها من جل كتب العلماء فصرفنا عنان الجهد لالتقاط ما هو مطلوب البيان في هذا المقاموسنعرض في هذه المطوية الملتقطة من أقوال العلماء مع بعض الشروح لما استعصى من الكلمات في بعض الأدلة في الاستعانة والتوسل والاستغاثة بالنبي وبالصالحينوما دعانا إلى صرف الجهد والتقاط أقوال جل علماء الأمة هو رمي الجهلاء لسواد الأمة الإسلامية بالشرك والالحاد والحقيقة أن لو كان هذا شركاً أو منفذاً للوقوع في الشرك كما يدعي من حرم التوسل والاستغاثة لكان أمراً عظيماً لأنه بذلك يكون قد اتهم محمداً بن عبد لله عليه الصلاة والسلام بِالتَّقْصِيرِ في أداء رسالته وترك اُمْتُهُ تتردى في مهاوي الضلال، وتكون الأمة ـ على مرّ الأزمنة السابقة ـ قد وقعت في الشرك، وهو أمر لا يجوز عقلاً ولا شرعاً، وكيف يستقيم ذلك مع قوله صلى الله عليه وسلم: "تركتكم على الواضحة"!واليوم أكملت لكم دينكمعن عمرو بن العاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنّه لم يكن نبي قبلي إِلَّا كان حقاً عليه أن يدل اُمْتُهُ على خير ما يعلمه لهم، وينذرهم شر ما يعلمه لهم)صحيح مسلم: ٣/١٤٧٢ كتاب الإمارة.
فإذا كان الأمر (التوسل والاستغاثة بهذه الدرجة من الخطورة على عقائد المسلمين لما أغفل النبي صلى الله عليه وسلم هذا الأمر ولكان نهى عنه بكل شدّة
بل نبينا صلى الله عليه وسلم هو من علمنا التبرك والتوسل كما سنرىبل إنّ النبي صلى الله عليه وسلم قد تبرّك بوضوء المسلمين، كما وردت بذلك الأخبار الصحيحة:فعن ابن عمر, قال: قلت يا رسول الله, أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك, أم من المطاهر؟ قال: "لا, بل من المطاهر, إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه, يرجو بركة أيدي المسلمين.فعن ابن عمر, قال: قلت يا رسول الله, أتوضأ من جرّ جديد مخمّر أحبّ إليك, أم من المطاهر؟ قال: "لا, بل من المطاهر, إن دين الله يسّر الحنيفية السمحة". قال: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعث إلى المطاهر فيؤتى بالماء فيشربه, يرجو بركة أيدي المسلمين.ذكر فيمجمع الزوائد: 1\214، وقال: رواه الطبراني في الأوسط ورجاله موثّقون،كنز العمال: 7\112، ح 13281وذكره السيوطي في الشمائل الشريفة ونقل تصحيح الهيثمي موافقا له ( ص 272 - 273 طبعة دار طائر العلم للنشر والتوزيع بتحقيق حسن بن عبيد باحبيشي ) برقم ( 490 )صححه المناوي في التيسير ( 2 / 525 طبعة مكتبة الإمام الشافعي - الرياض - 1408هـ - 1988م الطبعة الثالثة )وذكره من وجه اخر الإمام البيهقي في الشعب ( 3 / 30 طبعة دار الكتب العلمية - بيروت الطبعة الأولى ، 1410 ، بتحقيق محمد السعيد بسيوني زغلول ) برقم ( 2791 ) ،وقد رواه القضاعي في مسنده ( 2 / 104 طبعة مؤسسة الرسالة - بيروت الطبعة الثانية ، 1407 - 1986 ، بتحقيق حمدي بن عبدالمجيد السلفي ) مختصرا برقم ( 977 )وابن عدي في ( الكامل ) ( 2/ 783 )ورواه ابو نعيم في الحلية ( 8 / 203 طبعة دار الكتاب العربي – بيروت الطبعة الرابعة ، 1405 )
بل حتى شيخ السلفية الألباني رحمه الله قال
قال الألباني في السلسلة الصحيحة ( 5 / 154 ) برقم ( 2118 ) : ( " كان يبعث إلى المطاهر ، فيؤتى بالماء ، فيشربه يرجو بركة أيدي المسلمين " .أخرجه الطبراني في الأوسط ( ص 35 ) و أبو نعيم في الحلية ( 8 / 203 ) عن حسان بن إبراهيم الكرماني عن عبد العزيز بن أبي رواد عن نافع عن ابن عمر قال : " قلت : يا رسول الله ! الوضوء من جر جديد مخمر أحب إليك ، أم من المطاهر ؟ قال : لا بل من المطاهر ، إن دين الله يسر ، الحنيفية السمحة " ، قال : فذكره.وقال : ( لم يروه عن عبد العزيز إلا حسان ) .قلت ( الألباني ) : و هو مختلف فيه ( يعني حسان ) والأكثرون على توثيقه ، و الذي يترجح عندي أنه وسط حسن الحديث ، ولاسيما و قد خرج له البخاري في صحيحه .وانظر تحسين الألباني للحديث في السلسلة الصحيحة المختصر ( 5 / 154 طبعة مكتبة المعارف - الرياض ) برقم ( 2118 ) ، وفي صحيح الجامع حديث رقم ( 4894 ) ..وعندما ضعف الشيخ الحويني هذا الاثر لانه تفرد به واحد عند الطبراني ولو نظرنا من هو حسان بن ابراهيم لوجدناه قد احتج به البخاري ومسلم وهو من رجالهما فكيف يضعف الآثر لتفرد ثقة به؟؟تفرد الثقة مقبولة كما هو معلوم عند المبتدئين.ويراجع هنا للاهميةالرد المحكم المتين على من أنكر حديث تبرك النبي صلي الله عليه وسلم بما في أيدي المسلمين
وليعلم أحبائنا المسلمون أننا سنورد فقط أمثلة من أنواعها وليس من باب الإحصاء فإن إحصائها لا يتيسر للباحث وفي ما سنورده الكفاية بإذن الله لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد
وسنقسم هذه المطوية إلى خمسة فصول لتخدم المقام الذي نحن بصدده
الفصل الاول:- مصطلحات لغوية الفصل الثاني:- ما أستند إليه المخالفون وتوضيح الإشكالالفصل الثالث:- توضيح مهم في مسألة التوسل والاستغاثة والمددالفصل الرابع:- الحياة البرزخية وحقيقتهاالفصل الخامس:- أدله التوسل بالأحياء والأموات من الكتاب والسنة وأفعال وأقوال السلف والائمةالفصل السادس:- فصل في أسماء أشهر علماء ألامه الإسلامية المتوسلين
الفصل الأول
مصطلحات لغوية1- الوسيلةالوسيلة في اللغة: المنزلة عند الملك , والوسيلة:-الدرجة , والوسيلة:-القربة , وَسَلَ فلان إلى الله وسيلة إذا عمل عملا تقرب به إلى الله , والواسل:- الراغب إلى اللهويقال توسل إليه بوسله إذا تقرب إليه بعمل ,وتوسل إليه بكذا أي تقرب إليه بحرمه آصرة تعطفه عليهإذاً الوسيلة:- الوصلة والقربى وجمعها الوسائل( لسان العرب لابن منظور ج ١١ ص ٧٢٤ مادة< وسل>)2- الدعاءلخص أبو البقاء المعاني المتعددة للدعاء مستشهدا بآيات القرآن الكريم ، قال : " والدعاء : الرغبة إلى الله والعبادة نحو ( وَلَا تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لَا يَنفَعُكَ وَلَا يَضُرّك ) ، والاستعانة نحو ( وَادْعُوا شُهَدَاءكُم ) ، والسؤال نحو ( ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ ) ، والقول نحو ( دَعْوَاهُمْ فِيهَا سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ ) ، والنداء نحو ( يَوْمَ يَدْعُوكُمْ ) ، التسمية نحو ( لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا )أبو البقاء الكليات ص ٤٤٧
قال ابن منظور: "دعا الرجلَ دعوًا ودعاءً: ناداه. والاسم: الدعوة. ودعوت فلانًا: أي صِحت به واستدعيته - لسان العرب مادة (د ع و).
وانظر ايضا : مفردات ألفاظ القرآن للراغب الأصبهاني (ص315-316)
والدعاء شرعا:- أقصى نهاية الخضوع والتذلل بشرط نية التقرب فالعبادة لا تطلق إلا على العمل الدال علي الخضوع المتقرب به لمن يعظمه باعتقاده تأثير في النفع والضر وعلى هذا فشرط كونها عبادة نية التقرب للمعبود.
قال الخطابي: (معنى الدعاء استدعاءُ العبدِ ربَّه عزَّ وجلَّ العنايةَ، واستمدادُه منه المعونةَ. وحقيقته: إظهار الافتقار إلى الله تعالى، والتبرُّؤ من الحول والقوّة، وهو سمةُ العبودية، واستشعارُ الذلَّة البشريَّة، وفيه معنى الثناء على الله عزَّ وجلَّ، وإضافة الجود والكرم إليه" - شأن الدعاء)شأن الدعاء للخطابي ص4
قال الزبيدي صاحب تاج العروس ( الدعاء ليس إلا إظهار غاية التّذلّل والافتقار)
إتحاف السادة المتقين 5/4
•قال الحافظ ابن حجر: «الدّعاء هو غاية التّذلّل والافتقار » [فتح الباري 11/95].
3-الاستغاثة
الاستغاثة لغة : طلب الغوث والنصر هي طلب العبد الإغاثة والمعونة ممن يسعفه ويدفع عنه عند الوقوع في شدة ونحوها . وشرعا : لاستغاثة هي بمعنى طلب التوجه من المستغاث به إلى الله تعالى في قضاء الحاجة إذ ليس لأحد مع الله فعل أو ترك وإنما المستغاث به سبب للشفاعة والدعاء ولقضاء الحاجة.تكون طلب العون وتفريج الكروبفلا تختلف الاستغاثة عن التوسلقال تعالى { فَاسْتَغَاثَهُ الَّذِي مِن شِيعَتِهِ عَلَى الَّذِي مِنْ عَدُوِّهِ .. }[القصص ١٥]
4- الاستعانة:
فهي طلب العون ممن يملكه على وجه الحقيقة وهو الله تبارك وتعالى أو ممن أعطاهم الله بمنه وكرمه القدرة عليها، وهم أنبياءه وأولياؤه.
5- الجاه
الجاه: المنزلة والقَدْرُ عند السلطان.لسان العرب.. والقاموس المحيط (1/1607)
6- التوجه لغا.
(وجه ) انقاد واتبع يقال قاد فلان فلانا فوجه انقاد واتبع والمولود خرجت يداه من الرحم أولا وإلى الشيء توجه بمعنى ولى وجهه إليه وفي المثل ( أينما أوجه ألق سعدا )( اتجه ) إليه أقبل بوجهه عليه ( أصله اوتجه )الوجهة ) الجانب والناحية والموضع الذي تتوجه إليه وتقصده وكل مكان استقبلته والقبل وشبهها ووجهة الأمر وجهه(2/953\2/954 ) المعجم الوسيط
7- الشفاعة
قال الراغب في المفردات ص 263الشفاعة : الاِنضمام إلى آخر ناصراً له وسائلاً عنه.
8- المدد
وورد في لسان العرب عن معنى كلمة مدد: مددنا القوم، أي صرنا لهنا أنصاراً ومدداً.وأمدَّ الأمير جنده بالخيل والرجال وأعانهم وأمدهم بمال كثير وأغناهم..والمدد: العساكر التي تلحق بالمغازي في سبيل الله والإمداد أن يرسل الرجل مددالسان العرب مادة (م د د ).وقال الإمام الفيومي رحمه الله تعالى: أمددته بمدد: أعنته وقويته به [2]المصباح المنير مادة (م د د)
6- التبرك
التبرك لغة: طلب البركة، والبركة هي: النماء والزيادةمادة برك، انظر لسان العرب: 10/390،
قال ابن منظور: بارك الله الشيء، وبارك فيه وعليه: وضع فيه البركة، وطعام بريك كأنّه مبارك
لسان العرب: 10/390قال الفيومي: بارك الله تعالى فيه فهو مبارك، والأصل: مبارك فيهالمصباح المنير: 1/45.
والتبرّك في مفهومه الاصطلاحي يراد به طلب البركة عن طريق أشياء أو معان ميّزها الله تعالى بمنازل ومقامات خاصة،أي طلب الحصول على الخير على وجه السبب.
قال الراغب الأصفهاني: البركة ثبوت الخير الإلهي في الشيء، قال تعالى: { لَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آَمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَرَكَاتٍ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ }الأعراف-96، { وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ }الأنبياء-50، تنبيها على ما يفيض به من الخيرات الإلهية.
الفصل الثاني
ما أستند إليه المخالفون وتوضيح الإشكالاستند أصحاب هذا الرأي إلى آيات الكتاب الحكيم وبعض الأحاديث وسنعرضها جميعا بإذن الله تعالى ونورد الأدلة على قصور الفهم الذي أدى إلى الإشكال
اولاً:- الإشكالات في فهم الآيات من الكتاب الحكيم.
1- قول الله تعالى : (لاَ تَدْعُ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَنفَعُكَ وَلاَ يَضُرُّكَ فَإِن فَعَلْتَ فَإِنَّكَ إِذًا مِّنَ الظَّالِمِينَ وَإِن يَمْسَسْكَ اللّهُ بِضُرٍّ فَلاَ كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِن يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلاَ رَآدَّ لِفَضْلِهِ يُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَهُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)
سورة يونس 106\1072- وقوله تعالى: (إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ )العنكبوت : 17.3- وقوله تعالى ( ومن أضل ممن يدعو من دون الله من لا يستجيب له إلى يوم القيامة وهم عن دعائهم غافلون . وإذا حشر الناس كانوا لهم أعداء وكانوا بعبادتهم كافرين) سورة الأحقاف : 5\6.٤- قال تعالى (( وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا ))سورة الجن ، آية : ١٨٥- قال تعالى ((مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى))[الزمر:٣]6- قال تعالى: "إن الذين تدعون من دون الله عباد أمثالكم فادعوهم فليستجيبوا لكم إن كنتم صادقين "( لأعراف ١٩٤ )الرد على الإشكالات في هذه الآيات:-استدل أهل الإنكار بآيات نزلت في المشركين لا تنطبق على أهل التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم وبالصالحين ولا تقربهم لاختلاف الحال كلياًوكما ذكر البخاري عن قول ابن عمر رضي الله عنهمافي الخوارج يقول البخاري:«وكان ابن عمر يراهم شرار الخلق، وقد قال: إنهم انطلقوا إلى آيات نزلت في الكفار فجعلوها في المؤمنين».ومما استند إليه من حرم التوسل أنهم قالوا إن العبرة في الآيات هي عموم اللفظ وليس في خصوص السبب وهذا قول حق أريد به باطل فلا أحد ينكر عموم اللفظ ولكن المستدعي للنظر والفهم أن هذه الآيات لا تشمل المسلمين لاختلاف حالهم عن حال الكفار جملا وتفصيلا فالدعاء في هذه الآيات بمعني العبادة لأصنامهم والمتوسلون يدعون الله الواحد الأحد والكفار يدعون آلهتهم من دون الله فأحوال الكفار في من نزلت فيهم الآيات لا يرتبط بأي صلة تشير إلى أهل القبلة من المسلمين!!!!فشتان بين يدعوا الله متوسلا بجاه نبيه وصالحيه وبين من يدعوا غير الله فكيف يعمم الحكم على أمه الإسلام؟؟فرق كبير بين ما يقول يا رب أعطني كذا بحق فلان..وبين من يقول اُعْلُ هُبَل..خذلني آلات ويعتقد أنهم آلهة من دون الله.!!ولكنا نجد أهل الفتنة يشرقون ويغربون ويقولون هذا ما قاله الكفار{ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى } ونحو قوله تعالى{ فلا تدعوا مع الله أحداً}ولكنهم قد تناسوا أن هذه الآيات قد جعلت في أهل الشرك وما من موحدا متوسلاً يعبد نبي أو ولي. فكل آية تدل على المعنى الصريح الواضح ووضع الكفار وهو العبادة للأوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم , فالمشركون كانوا يتخذون من يدعونه إلهاً من دون الله فيدعونهم استقلالاً من دون اللهوسيتضح ذلك من أوجه عديدةالوجه الأول:- فالمشركون جعلوا أصنامهم آلهة تعبد والمسلمون ما اعتقدوا في إله غير الله فليس لنا غير إله واحد الله جل جلاله ويظهر جليا الفرق بين المسلمين وبين عباد الأصنام وغيرهم في قول الله تعالى في الكفار(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) مريم : ٨١-الوجه الثاني:- الأنبياء جميعاً عليهم الصلاة والسلام عند المسلمين هم أنبياء معصومون بشر لهم خواص خاصة من الله بها عليهم وأعطاهم ما لم يعطه لبشر وليسوا آلهة تعبد من دون اللهالوجه الثالث:- الأولياء هم أولياء محفظون وصلوا إلى رتبة الولاية بالعمل الصالح وعبادة رب العباد وليسوا آلهة تعبد,والا كان الأولى أنبياء الله تعالى عليه السلامالوجه الرابع:- ورد في الآيات أن الكفار وجدوا ضالتهم في عبادة هذه الأصنام فاستحقت العبادة بالنسبة لهم وعبدوها بالفعل كما في قوله تعالى(وما نعبدهم إلا ليقربونا)أما المسلمون فلا إله لهم غير الله تعالى ولا يستحق العبادة غيره سبحانه وتعالى الرحمن الرحيم وما عبدوا غيره جل جلاله.
الوجه الخامس:- أن المشركون عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم وزعموا أن ذلك ليقربوهم إلى الله والمسلمون عبدوا الله وحده ولم يعبدوا غيره وتوسلوا بالأنبياء والصالحين رجاء تحقيق مطالبهم من الواحد القهار
فدعاء المشركين دعاء آلوهية وتعبد، ودعاء المسلمين توسل واستشفاع فشتان بين الاثنين فكيف يعمم أهل الجهل القول علي المسلمين؟الوجه السادس:- الكفار اتخذوا أصنامهم وأنبيائهم وصالحيهم آلهة من دون الله والإله هو المستحق للعبادة فكانت عبادتهم لهم على اعتبار الألوهية وليس على اعتبار التوسل والاستشفاع والتبرك فكانوا يسجدون لها تعظيما وإجلال وخضوعا لها واعتقدوا أنها تنفع وتضر استقلالاوما قالوا نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله إلا بعد أقامه الحجة عليهم وهذا من تلبيس الشيطان عليهم ومن جحدهم بآيات الله والمسلمون اتخذوا الله إله واحدا لا شريك له وعرفوا قدر الأنبياء والصالحين وان النفع والضر بيد الله تعالى وان القدرة المطلقة من صفات الآلوهية ويعطي الله ما يشاء لمن يشاء ولا حد لقدرته المطلقة
وقوله تعالى في الآية الكريمة (ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى)
فإنما كانت لإظهار أن علل عباد الأوثان والأصنام التي عللوا بها عبادة الأصنام إنما هي عله فاسدة وجاءت الآية من باب التنبيه على ضلالتهم وهذا ما ذكر في أكثر من آية في الكتاب الحكيم من اعتقادهم أن أصنامهم تضر وتنفع استقلالا وأنهم خضعوا لها وعبدوها من دون الله تعالى.فلما أقيمت عليهم الحجة بأنها لا تنفع ولا تضر قالوا ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى.وهذا من جحدهم بآيات الله تعالى.ومن كذبهم الذي أظهره الله في أكثر من موضع في الكتاب الحكيم.وهذا ما لا ينطبق على أهل الإسلام..وهذا واضح وصريح في جميع الآيات من أن الكفار قد عبدوا أصنامهم وأنبيائهم وجعلوهم آلهة تنفع وتضر وترزق فأضافوا إليهم صفات الألوهية ونسبوا إليهم القدرة استقلالاًفالآية جاءت لإظهار العلة وبيان جحدهم وبيان كذب دعواهموالاستدلال بالآية في غير محله وذلك لأن هذه الآية الكريمة صريحة في الإنكار على المشركين عبادتهم للأصنام واتخاذها آلهة من دونه تعالى وإشراكهم إياها في دعوى الربوبية على أن عبادتهم لها تقربهم إلى الله زلفى فكفرهم وإشراكهم من حيث عبادتهم لها ومن حيث اعتقادهم أنها أرباب من دون الله .و هذه الآية تشهد بأن أولئك المشركين ما كانوا جادين فيما يحكي ربنا عنهم من قولهم مسوغين عبادة الأصنام : ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى ، فإنهم لو كانوا صادقين في ذلك لكان الله أجل عندهم من تلك الأصنام ، فلم يعبدوا غيره وقد نهى الله المسلمين من سب أصنامهمبقوله تعالى : (وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ كَذَلِكَ زَيَّنَّا لِكُلِّ أُمَّةٍ عَمَلَهُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّهِم مَّرْجِعُهُمْ فَيُنَبِّئُهُم بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ )
روى عبد الرزاق وعبد بن حميد وابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه أنه قال : (( كان المسلمون يسبون أصنام الكفار فيسب الكفار الله عز وجل ، فأنزل الله : ( وَلاَ تَسُبُّواْ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِ اللّهِ فَيَسُبُّواْ اللّهَ عَدْواً بِغَيْرِ عِلْمٍ ) ، هذا سبب نزول هذه الآية .
فهي إذن تنهى المؤمنين نهي تحريم شديد أن يقولوا كلمة نقص في الحجارة التي كان يعبدها الوثنيون بمكة المشرفة لأن قول تلك الكلمة يتسبب عنه غضب أولئك الوثنيين غيرة على تلك الأحجار التي كانوا يعتقدون من صميم قلوبهم أنها آلهة تنفع وتضر وإذا غضبوا قابلوا المسلمين بالمثل فيسبون ربهم الذي يعبدونه وهو رب العالمين ويرمونه بالنقائص وهو المنزه عن كل نقص ولو كانوا صادقين بأن عبادتهم لأصنامهم تقربهم إلى الله زلفى ما اجترؤا أن يسبوه انتقاماً ممن يسبون آلهتهم فإن ذلك واضح جداً في أن الله تعالى في نفوسهم أقل من تلك الحجارة .
وقل ذلك أيضاً في قوله تعالى : (وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ ) فإنهم لو كانوا يعتقدون حقاً أن الله تعالى الخالق وحده وأن أصنامهم لا تخلق لكانت عبادتهم لله وحده دونها أو لكان على الأقل احترامهم له تعالى فوق احترامهم لتلك الحجارة ، وهل هذا يتفق مع شتمهم له عز وجل غيرة على حجارتهم وانتقاماً لها منه سبحانه وتعالى ؟ إن البداهة تحكم أنه لا يتفق أبداً ، وليست الآية التي معنا وحدها تدل على أن الله تعالى أقل عند أولئك المشركين من حجارتهم بل لها أمثال منها قوله تعالى: (وَجَعَلُواْ لِلّهِ مِمِّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيباً فَقَالُواْ هَـذَا لِلّهِ بِزَعْمِهِمْ وَهَـذَا لِشُرَكَآئِنَا فَمَا كَانَ لِشُرَكَآئِهِمْ فَلاَ يَصِلُ إِلَى اللّهِ وَمَا كَانَ لِلّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلَى شُرَكَآئِهِمْ سَاء مَا يَحْكُمُونَ)فلولا أن الله تعالى أقل في نفوسهم من تلك الحجارة ما رجحوها عليه هذا الترجيح الذي تحكيه هذه الآية واستحقوا عليه حكم الله عليهم بقوله : (سَاء مَا يَحْكُمُونَ ).ومن هذا القبيل قول أبي سفيان رضي الله عنه قبل إسلامه : ((اُعْلُ هُبل)) كما رواه البخاري ينادي صنمهم المسمى بهُبل أن يعلو في تلك الشدة رب السماوات والأرض ويقهره ليغلب هو وجيشه جيش المؤمنين الذي يريد أن يغلب آلهتهم ، هذا مقدار ما كان عليه أولئك المشركون مع تلك الأوثان ومع الله رب العالمين .
وهذا يظهر جلياً في آيات الكتاب الحكيم لمن ألقى السمع وهو شهيد فالكفار جحدوا بوجود الله تعالى وبعدوا أصنامهم
قال تعالى(وإذا قيل لهم اسجدوا للرحمن قالوا وما الرحمن أنسجد لما تأمرنا وزادهم نفوراً) الفرقان 60
(وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ آلِهَةً لِيَكُونُوا لَهُمْ عِزًّا) مريم : 81(إِنْ نَقُولُ إِلَّا اعْتَراكَ بَعْضُ آلِهَتِنا بِسُوء) هود : 54(إِنَّما تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْثاناً وَتَخْلُقُونَ إِفْكاً إِنَّ الَّذِينَ تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَمْلِكُونَ لَكُمْ رِزْقاً فَابْتَغُوا عِنْدَ اللَّهِ الرِّزْقَ وَاعْبُدُوهُ وَاشْكُرُوا لَهُ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ ) العنكبوت :17فهذه الآيات تدل وتصرح بعبادتهم الأوثان من دون الله تعالى فكيف تنطبق هذه الآيات على المتوسل وهو من عبد الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد!!
قال تعالى (ألَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَمَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ * وَمَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَلَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ * وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ)الزمر : 36:38الآية هنا تصرح بأن المشركين يخوفون الرسول صلى الله عليه وسلم بآلهتهمقال البغوي في تفسير الآية : " ... وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ ... " وذلك أنهم خوفوا النبي صلى الله عليه وسلم معرة معاداة الأوثانوقالوا : لتكفن عن شتم آلهتنا أو ليصيبنك منهم خبل أو جنونتفسير البغوي ج4 ص 69
قال تعالى :-(وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ) يونس 1
(أَفَرَأَيْتُمُ اَللَّات وَالْعُزَّى * وَمَناةَ الثَّالِثَةَ اَلْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ اَلْأُنْثَى * تِلْكَ إِذاً قِسْمَةٌ ضِيزى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْماءٌ سَمَّيْتُمُوها أَنْتُمْ وَآباؤُكُمْ ما أَنْزَلَ اللَّهُ بِها مِنْ سُلْطانٍ )
النجم : 19:23
" وَقالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَداً سُبْحانَهُ بَلْ لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَالْأَرْض كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ "
البقرة : 116فكلامهم صريح بنسبة الضرر والنفع إلى أصنامهم استقلالا التي عبدوها من دون الله فكيف تنطبق هذه الآيات على المسلمين وهم يعبدون الله الواحد الأحد؟؟فإن جميع هذه الآيات تدل وبصراحة على أن شرك المشركين كان في دعاء الآلهة التي عبدوها من دون الله ، وهل هناك حاجة لأدلة أصرح من هذه الآيات؟
ونرى في الآيات وسنرى في جميع التفاسير أن المشركين عبدوا أصنامهم من دون الله فالآيات نصت على أنهم عبدوا أصنامهم وكذلك هذا ما جاء في جميع التفاسير وما قاله أهل التفسير وكذلك تسمية أصنامهم آلهة تستحق العبادة,بنات الله,عبدوا من دون الله,شريك لله, وهذا ما لا يقول به مسلم فلا يوجد من يشهد
لسانه وقلبه ان لا اله الا الله محمد رسول الله ويعبد غير الله فهو جل جلاله المستحق للعبادة.فالمشركون كانوا يعبدون الآوثان من دون الله والفرق بين دعاء المشركين لغير الله وبين استشفاع المؤمنين إلى ربهم واضح بيِّن لكل ذي لبٍّ قويم , فوسيلة الشئ غيره.فالمشركون كانوا يتخذون من يدعونه إلهاً من دون الله فيدعونهم استقلالا من دون الله اما التوسل من المسلمين فهو من عباد الله مستشفعين إلي الله الواحد الأحد الفرد الصمد الذي لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوا أحد!!
ومما جاء فى التفاسيرجامع البيان في تفسير القرآن للطبريوقوله:{ وَالَّذِينَ اتَّـخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِـياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }يقول تعالـى ذكره: والذين اتـخذوا من دون الله أولـياء يَتَولَّونهم، ويعبدونهم من دون الله، يقولون لهم: ما نعبدكم أيها الآلهة إلا لتقربونا إلـى الله زُلْفَـى، قربة ومنزلة، وتشفعوا لنا عنده فـي حاجاتنا وهي فـيـما ذُكر فـي قراءة أبـيّ: «ما نَعْبُدُكُمْ»، وفـي قراءة عبد الله: «قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ» وإنـما حسُن ذلك لأن الـحكاية إذا كانت بـالقول مضمراً كان أو ظاهراً، جعل الغائب أحياناً كالـمخاطب، ويترك أخرى كالغائب، وقد بـيَّنت ذلك فـي موضعه فـيـما مضى.حدثنا مـحمد بن الـحسين، قال: ثنا أحمد بن الـمفضل، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، قال: هي فـي قراءة عبد الله: «قالُوا ما نَعْبُدُهُمْ».وبنـحو الذي قلنا فـي ذلك قال أهل التأويـل. ذكر من قال ذلك:حدثنا مـحمد بن عمرو، قال: ثنا أبو عاصم، قال: ثنا عيسى وحدثنـي الـحارث، قال: ثنا الـحسن، قال: ثنا ورقاء، جميعاً عن ابن أبـي نـجيح، عن مـجاهد، فـي قوله:{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }قال:
قريش تقوله للأوثان، ومن قَبْلَهم يقوله للـملائكة ولعيسى ابن مريـم ولعزَيز.
حدثنا بشر، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قوله:
{ وَالَّذِينَ اتَّـخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِـياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرِّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }قالوا:
ما نعبد هؤلاء إلا لـيقرّبونا، إلا لـيشفعُوا لنا عند الله.
حدثنا مـحمد، قال: ثنا أحمد، قال: ثنا أسبـاط، عن السديّ، فـي قوله:
{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرَبونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }قال: هي منزلة.حدثنـي علـيّ، قال: ثنا أبو صالـح، قال: ثنا معاوية، عن علـيّ، عن ابن عبـاس، فـي قوله:{ وَالِّذِينَ اتَّـخَذُوا مِنْ دُونِهِ أوْلِـياءَ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرّبُونا إلـى اللّهِ زُلْفَـى }وقوله:{ وَلَوْ شاءَ الله ما أشْرَكُوا }يقول سبحانه: لو شئت لـجمعتهم علـى الهدى أجمعين.حدثنـي يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد فـي قوله:{ ما نَعْبُدُهُمْ إلاَّ لِـيُقَرِّبونا إلـى الله زُلْفَـى }قال: قالوا هم شفعاؤنا عند الله، وهم الذين يقرّبوننا إلـى الله زلفـي يوم القـيامة للأوثان، والزلفـى: القُرَب.وقوله:{ إنَّ اللّهَ يَحْكُمُ بَـيْنَهُمْ فِـيـما هُمْ فِـيهِ يَخْتَلِفُونَ }يقول تعالـى ذكره: إن الله يفصل بـين هؤلاء الأحزاب الذين اتـخذوا فـي الدنـيا من دون الله أولـياء يوم القـيامة، فـيـما هم فـيه يختلفون فـي الدنـيا من عبـادتهم ما كانوا يعبدون فـيها، بأن يُصْلِـيَهم جميعاً جهنـم، إلا من أخـلص الدين لله، فوحده، ولـم يشرك به شيئاً.
الكشاف للزمخشري
وقرأ ابن مسعود بإظهار القول: «قالوا ما نعبدهم» وفي قراءة أبيّ:
ما نعبدكم إلا لتقربونا على الخطاب، حكاية لما خاطبوا به آلهتهم. وقرىء: «نعبدهم» بضم النون اتباعاً للعين كما تتبعها الهمزة في الأمر، والتنوين في { عَذَاب ٱرْكُضْ } والضمير في { بَيْنَهُمْ } لهم ولأوليائهم. والمعنى: أن الله يحكم بينهم بأنه يدخل الملائكة وعيسى الجنة، ويدخلهم النار مع الحجارة التي نحتوها وعبدوها من دون الله يعذبهم بها حيث يجعلهم وإياها حصب جهنم.
واختلافهم: أن الذين يعبدون موحدون وهم مشركون، وأولئك يعادونهم ويلعنونهم، وهم يرجون شفاعتهم وتقريبهم إلى الله زلفى. وقيل: كان المسلمون إذا قالوا لهم: من خلق السمٰوات والأرض، أقرّوا وقالوا: الله، فإذا قالوا لهم:
فما لكم تعبدون الأصنام؟ قالوا: ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى؛ فالضمير في { بَيْنَهُمْ } عائد إليهم وإلى المسلمين. والمعنى: أن الله يحكم يوم القيامة بين المتنازعين من الفريقين،
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق